الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية سيّدي رئيس الجمهوريّة تونس بحاجة إلى رئيس حكومة من الجيش الوطني

نشر في  17 جوان 2015  (11:23)

بقلم: محمد المنصف بن مراد


في البداية، كان عنوان هذه الافتتاحيّة:«سيّدي رئيس الجمهوريّة: أقترح عليك تعيين رئيس  حكومة من الجيش الوطني أو مدنيا قويّا!»، لكن بعد اضراب سوّاق القطارات في كامل أنحاء الجمهوريّة غيّرته ليصبح: «تونس بحاجة الى رئيس حكومة من الجيش الوطني».. لقد بتّ مقتنعا ـ وأكثر من أيّ وقت مضى ـ أنّ هذه البلاد العزيزة ستغرق قريبا  ـ وأسأل الله أن يكذّب توقّعاتي ـ وذلك بسبب الارهاب والاضرابات لأنّ لنا سلطة تنفيذيّة مائعة وغير قادرة على إنقاذ تونس!
بعد تغيّر النظام سنة 2011، كان أغلب التونسيين ينتظرون بناء دولة جديدة تقوم على القطع مع السلبيات والاحتفاظ بالإيجابيات،لكن الطبقة السياسية حوّلت بلادنا الى دويلة يحكمها العنف ورجال دين من نوع خاص وكبار المهرّبين وديمقراطيون بلا عزيمة وهستيريون يدعون الى الفتنة والمشانق وبعض الحكومات الأجنبية التي فرضت استعمارا دون مستعمر ومتشدّدون نقابيّون يعملون ـ كل ما في وسعهم ـ من أجل «اركاع» الحكومة، ومجتمع مدني منقسم.. وفي ظلّ كل ذلك فانّ مئات الآلاف من النساء لا يثقن بالطبقة السياسيّة وهنّ حائرات!
وأوّل سؤال يجب طرحه هو هل انّ الأحزاب الدّينية أحزاب تفكر في مصلحة  تونس دون سواها؟ بكل صراحة انّ برامج هذه الأحزاب ومن بينها حركة النهضة لها مشروع ديني وهو «أسلمة» المجتمع التونسي بطريقة تدريجية بالنّسبة للنّهضة أو عنيفة بالنّسبة للأحزاب الدّينية الأخرى مع تبنّيها لبعض الأفكار الاقتصاديّة والاجتماعيّة، ثمّ انّ هذه الأحزاب المرتبطة ـ أساسا ـ بالمنظّمة الاخوانيّة العالمية تبني نشاطها واستراتيجياتها على أساس التحكّم في البلدان العربيّة والاسلاميّة، وذلك في إطار مشروع ديني شمولي،  في حين انتهت الحروب الدّينية في الغرب منذ أربعة قرون تقريبا!

فمن سمح بدخول الأسلحة الى بلادنا ومن ترك الارهاب يتغوّل ومن هيّأ لمنظومة قضائيّة وأمنية تخدم العنف وحتى الارهاب؟ من حوّل المساجد الى قواعد عسكريّة تنطلق منها الاحتجاجات والمظاهرات والتسفير للقتال في سوريا وتعاطي جهاد النّكاح؟ من أركع الإدارة والمؤسسات العمومية وانتدب عشرات الآلاف من الأنصار حتى كحرّاس غابات أو مكلّفين بمراقبة الانترنات؟
انّ أحزاب الترويكا بتخاذلها أمام العنف لكأنّها وضعت حبل مشنقة حول رقبة تونس وهي ـ رغم اختلافاتها مع بعضها البعض ـ مسؤولة عن كلّ ما يجري اليوم في البلاد حتى وإن عبرت النهضة عن رفضها لداعش وللعمليات الارهابيّة.. انّ النهضة لم تتحوّل الى حزب سياسي بل هي حزب ديني له برنامج ديني، ولها روابط مع فجر ليبيا وما انفكّت تدافع عن هذا «الفجر» وتشارك في تخطيط اخواني سواء في تركيا «أوردغان» أو في قطر الحليف الاستراتيجي..
أمّا ما يسمّى بحزب التحرير فقد أكد أنّه مجموعة دينيّة تعمل على انشاء خلافة، وقد استمعت الى المسؤول عنه فإذا به يؤكد ذلك ويتهم الحكومة بالعمالة وفي الأثناء شاهدنا سيارات لبعض من أنصاره وقد كتب على لوحاتها المنجميّة «دولة الخلافة».. كان ذلك في قلب العاصمة وعلى بعد مئات من الأمتار من مراكز الأمن! وهكذا،  وبميوعتها أمام هذه الانتفاضة العقائديّة، أثبتت الحكومة أنّها غير قادرة على التحكّم حتى في مجموعة من «الدجاج»!
وفي ما يخصّ الأحزاب التي تحاول اشعال نيران الفتنة في بعض المدن والقرى والأحياء، فإنّ جماعة المرزوقي ومن تبعهم ينخرطون في تيّار يحاول اركاع الدولة التونسية حتى تعمّ الفوضى وتثور بعض الولايات وتستغلّ بعض الجماعات العنيفة أو الارهابيّة الوضع لتنفجر تونس  وحينئذ يعود السلطان الى كرسيّ  «السلطان المجنون»!
أمّا الحكومة فقد برهنت ـ وكنت كتبت ذلك منذ أشهر  ـ أنّها أضعف حكومة في تاريخ تونس لأنّها مكبّلة بحركة النهضة ومكبّلة بتأثير رئيس الجمهورية ومكبّلة يضعف شخصية أغلب وزرائها! كيف لا وهي ترخص لاجتماع لحزب التحرير وتخلي مقرّات الأمن من الأمنيين عندما يهاجمها بعض «البلطجية» في محاولة لحرقها.. وفضلا عن ذلك فانّها تركع للضّغوطات والاحتجاجات والتأثيرات واقتراحات البلدان «الصديقة»! أضف الي كلّ ذلك أنه لا وجود لتصوّر للمستقبل، ولا إشراك للولايات في المشاريع التنمويّة ولا استراتيجيا للقضاء على الارهاب ولا سياسة خارجيّة صلبة وواضحة (بعد الإمارات ها نحن نغازل قطر).. فالمشكل الكبير هو أنّنا نواجه مخاطر الارهاب والافلاس الاقتصادي بفريق من الهواة من الدرجة الثالثة! وفي ظلّ كل الظروف الصعبة أقترح على رئيس الجمهورية تعيين ضابط وطني وصلب من الجيش سنّه لا تتجاوز 55 سنة كرئيس للحكومة حتى تنجو بلادنا ولو بعد سنوات ويكون عادلا وفوق كلّ الأحزاب ومحترما للدستور. أنا أدرك تمام الإدراك انّ بعض الأشخاص لا يوافقون على هذا الاقتراح ـ وهذا من حقّهم ـ لكن أغلبيّة الشعب التونسي (ما عدا المتطرّفين والديمقراطيين المزيّفين) سترتاح لتعيين رئيس حكومة قوي وحازم وذي شخصيّة فولاذيّة!
أما اتحاد الشغل فعليه أن يعي أكثر  دوره الوطني وأن يضغط بحزم للتصدّي للارهاب وأن يساهم أكثر في إنقاذ البلاد من الارهاب، كما أقترح على المنظّمة الشّغيلة أن تضغط لفرض العدالة الجبائية لتوفير موارد إضافيّة من أجل الزيادة في الأجور، كما أذكر المشرفين عليها بأنّ الاضرابات الحالية مضرّة وغير ناجعة وتساهم في اضعاف الحكومة في تصدّيها للارهاب! وأحسن دليل على كلامي هو الاضراب المدمّر لسائقي القطارات!

ومن ناحية الارهاب فانّه يخرّب البلاد،  ومن جهة أخرى فانّ الاضرابات تدمّر الاقتصاد،  مع اقتناعي التام بأنّ بعض القطاعات مثل الصحّة والتعليم والجيش والقضاء والأمن تستحق زيادات هامّة في  الأجور! إنّ اتحاد الشّغل يضمّ اليوم حساسيات سياسية مختلفة البعض منها تريد استقاط الحكومة عبر التصعيد، فحذار لأنّ الإفلاس الاقتصادي والعجز الأمني سيكونان في الانتظار!
اختزالا أقول للسيد رئيس الجمهورية انّ البلاد بحاجة لرئيس حكومة صلب وحازم من أبناء تونس، فهي متجهة نحو الهاوية ومهدّدة بالانفجار على صعيد الأمن  والانهيار على صعيد الاقتصاد والتعليم والثّقافة.. فلا يمكن لرئيس حكومة طيّب ووديع مثل المحترم سي الحبيب الصيد أن يخطط لحرب لانقاذ تونس من مخالب الارهاب والخراب الاقتصادي! فإمّا ان تتحمّل مسؤوليتك كاملة في هذه المرحلة الحرجة وإلا غرقت البلاد وبرزت إمارات دينية في بعض المدن.
 فإمّا ان تتحرّك بحزم والاّ خذلت أغلبيّة ناخبيك الذين اعتقدوا أنّك ستنجز ما وعدت به لا سيّما ارساء دولة الحداثة والقانون والمؤسسات وعدم التحالف مع النهضة.
وإنّي أقترح عليك السّماح لكل الديمقراطيين رجالا ونساء بالتدرّب على استعمال بعض الأسلحة وذلك تحت اشراف الجيش طبعا حتى يساندوا قواتنا العسكريّة والأمنية عند الحاجة.
انّ تونس أمانة في عنقك، وهي تسبح حاليا  فوق بحر من الخيانات، فمن ينقذها؟